مثقفون وسياسيون يناقشون قضايا التطبيع في مؤتمر علمي بمشاركة شخصيات فلسطينية وعربية وازنة
بمشاركة شخصيات فلسطينية وعربية وازنة، انطلقت وقائع مؤتمر 'العرب وقضايا التطبيع، الذي تنظمه كلية العودة الجامعية ووزارة الثقافة الفلسطينية ورابطة المثقفين العرب بلندن، وذلك في إطار المساعي لمواجهة عمليات التطبيع الذي تمارسه عدد من الدول العربية مع 'إسرائيل'.
وحضر افتتاح المؤتمر، وعميد كلية العودة الجامعية الدكتور هشام المغاري، وكيل وزارة الثقافة الدكتور أنور البرعاوي ممثل رابطة المثقفين العرب بغزة ورئيس اللجنة التحضيرية الاستاذ وائل المبحوح، وعدد من نواب المجلس التشريعي والشخصيات الرسمية والاعتبارية وممثلين عن فصائل العمل الوطني وأكاديميين وباحثين.
وفي كلمة له قال رئيس المؤتمر الدكتور هشام المغاري: 'نلتقي بكم اليوم في هذا المؤتمر، الذي يناقش المواقف العربية من قضايا التطبيع مع الاحتلال، وهي قضية خطيرة، آخذة في الانتشار على المستويات الرسمية، وتُفتح لها الأبواب لتتوسع وتنتشر على المستويات الشعبية بشكل علني ودون حرج وبتشجيع ورعاية رسمية بعد أن كانت في يوم من الأيام جريمة لا تغتفر'.
وأضاف: 'في هذا المؤتمر نسلط الضوء على بعض أشكال التطبيع العربية مع الاحتلال الاسرائيلي، ونحاول تلمس مخاطرها، ونطرح لكم وجهة نظر الخبراء الباحثين وأصحاب الرأي، ونقدم بعضًا من الحلول الممكنة، لعلنا نسهم ولو قليلا في مواجهة هذه الحالة الغريبة عن عروبتنا وشعوبنا'.
وفي كلمة مسجلة له قال ضيف المؤتمر من تونس الرئيس التونسي السابق محمد المنصف المرزوقي: 'لقد تم طرح قضية التطبيع عندما كنا بصدد كتابة الدستور التونسي في المجلس التأسيسي ما بين 2011-2013، وكان هناك من يريد أن يضع تجريم التطبيع ضمن الدستور التونسي، مما يؤكد على رفض الشعب التونسي المطلق لهذا الفعل'.
وأضاف: 'اسرائيل تطّبع علاقاتها مع حكام مغتصبي سلطة وهم لا يمثلون شعوبهم التي ترفض القهر والاستبداد وفرض الارادة'، لافتًا إلى أن اتجاه الحكام العرب نحو إقامة العلاقات مع الاحتلال هدفه الأساسي تأمين بقائهم في الحكم.
وتابع المرزوقي: 'هذه العلاقة الشاذة لا تستند إلى القوانين الطبيعية، وهي لا تحترم كرامة الانسان ولا خصوصيته ولا قوانين التاريخ، ولا تحترم حقوق الشعب الفلسطيني ورؤيته لحل الصراع مع الاحتلال'.
من جانبه قال الدكتور البرعاوي: 'يأتي هذا المؤتمر ليمثل شكلًا مهمًا من أشكال مقاومة الاحتلال ورفض وجوده وكشف أخطار المشروع الصهيوني الخفية على فلسطين وعلى المنطقة العربية بشكل عام'. لافتًا إلى أن الصراع مع الاحتلال صراعًا حضاريًا، مشدّدًا على ضرورة توفير الموازنات اللازمة وتوجيهها نحو الاستثمار في المجالات الثقافية وصناعة السينما والفنون المختلفة، وتطوير المناهج التعليمية، بهدف تعزيز الهوية الثقافية العربية، ومواجهة الدعاية الصهيونية التي تغزو وسائل الإعلام.
من جانبه قال الأب مانويل مسلم عضو الهيئة الاسلامية المسيحية لنصرة المقدسات في كلمة مسجلة: 'إن لفلسطين بعدًا قوميًا، ومن يطبّع مع الاحتلال يضرب بعرض الحائط البعد القومي لفلسطين ولشعبها ومقدساتها ويخون الهوية الفلسطينية والمبادئ العربية الإسلامية، وهو إقرار للمحتل بأرض فلسطين، وتنازل واضح عن حق العودة'.
وأضاف: 'من خلال التطبيع يوّقع العرب مع اسرائيل على هزيمة الفتح الاسلامي، وسقوط العهدة العمرية، وأن فلسطين لم تعد أرضًا للعرب، وأن القدس لم تعد عاصمة العواصم العربية، فإن لم تستخدم الثروات العربية سلاحًا لدحر اسرائيل وهزيمتها فإنها ستنمو وتكبر وتضرب عواصمكم وتهدمها'.
من جانبه قال المبحوح في كلمة ألقاها نيابة عن رئيس رابطة المثقفين العرب الدكتور أكرم حمدان: 'إن هذ المؤتمر يعبر عن موقف المثقفين الرافض لمبادرات التطبيع مع العدو التي راح بعض الحكام العرب يسوقون لها، مخالفين بذلك طبائع الأشياء، ونؤكد أن أي مبادرة باسم الشعب الفلسطيني لا تعترف بكامل حقوقه هي رَدٌّ على أصحابها، ممن يريدون تأمين كراسيهم ببيع الأوطان، والتفريط في مقدسات الأمة، ومحاربة كل محاولة للتحول الديمقراطي في المنطقة، وحرف بوصلة الشعوب عن العدو الحقيقي باصطناع الحروب الوهمية مع دول الجوار، وتغيير العقيدة القتالية للجيوش العربية'.
وأضاف: 'كلنا ثقة أن الشعوب العربية والإسلامية جميعا ترفض أي محاولة للتقرب مع العدو الصهيوني المحتل، وأنها سوف تكون عدوا لكل من يسير في طريق التطبيع ومد حبائل الود مع العدو الصهيوني الذي لم ينفك يشن على شعبنا الغارة تلو الغارة، منذ دنست أقدامه ثرى هذه الأرض المقدسة، كما لم يأل جهدا في تخريب البلاد العربية وإشعال نيران الفتنة بين أرجائها'.
وفي كلمة مسجلة له قال ضيف المؤتمر من لبنان الكاتب والمفكر منير شفيق: 'ليس هناك حاجة لإثبات الخيانة المبدئية لأن التودد والموالاة والتعاون مع العدو الذي يغتصب فلسطين ويناصب أمة العرب والمسلمين العداء مدانًا في الدين ومدانا فلسطينيًا وعروبيًا واسلاميًا وانسانيًا، فالتطبيع مع اعتى الوان العنصرية وأخطر مرتكبي جرائم الابادة البشرية خيانة وخذلان للإنسانية وأحرار العالم'.
وتابع: 'ظاهرة اندفاع بعض حكام المنطقة العربية نحو التطبيع مع الاحتلال في هذه المرحلة الخطيرة تأتي في حالة ضعفهم المخيف في ميزان القوى ظنًا منهم أنه بإمكان الاحتلال أن ينصرهم ويحميهم ويدافع عنهم فيما أصبح الكيان الصهيوني في أضعف حالاته منذ تأسيسه فهو مهزوم في أربعة حروب في لبنان وغزة، وهو اليوم يستنجد بأمريكا للدفاع والمحاربة نيابة عنه فيما كان بالأمس يتسابق في شن الحروب على أعداءه'.
وينعقد المؤتمر على مدار أربعة جلسات تناقش الجلسة الأولى التطبيع بين السياسة والشريعة، وتناقش الجلسة الثانية الآثار الاقتصادية المترتبة على التطبيع، وتتناول الجلسة الثالثة التطبيع الثقافي والإعلامي، وتُسلط الجلسة الرابعة الضوء على واقع حركات مقاطعة الاحتلال.